لي بيونج تشول، مؤسس شركة سامسونج، يتميز بمسار حياة فريد حيث وُلِد في عائلة ثرية، ولكنه لم يكتفِ بالاعتماد على هذه الثراء، بل استخدم رؤيته ورغبته في تحقيق النجاح الشخصي والابتكار لبناء إمبراطورية تجارية هائلة.
بدأت مسيرته في ريادة الأعمال بإنشاء مصنع للأرز في مدينته چيونجنام، وعلى الرغم من فشل هذا المشروع، إلا أنه استمر في السعي نحو تحقيق رؤيته، كما أسس شركة سامسونج عام 1938، ومن ثم بنى إمبراطوريته على مر السنوات.
شاهد أيضاً: أفضل 5 كتب في مجال البزنس والتسويق الإلكتروني
وأصبحت سامسونج لاحقًا واحدة من أكبر الشركات في العالم، وشهدت تنوعًا كبيرًا في مجالات الأعمال، مثل التكنولوجيا، والإلكترونيات، والاتصالات، والبناء، والسفن، والصناعات الكيميائية، وغيرها، وبفضل رؤية بيونج تشول وقيادته القوية، نجحت سامسونج في تحويل العديد من الأفكار الإبداعية إلى مشروعات حقيقية، مما أسهم في استفادة الملايين وتوفير آلاف الفرص الوظيفية.
كما إن تفرد لي بيونج تشول يكمن في قدرته على الربط بين الثروة العائلية والرغبة في تحقيق الابتكار والازدهار الاقتصادي، وتركيزه على الابتكار وتنويع أعمال سامسونج أسهم في نمو الشركة وتحولها إلى إمبراطورية عالمية تلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي.

سامسونج
أبرز إنجازات لي بيونج تشول مؤسس شركة سامسونج:
الشركة الأولى …
في المرحلة الأولى من تأسيس شركته، قام لي بيونج تشول بتوجيه جهوده نحو تصدير أنواع مختلفة من السلع والأطعمة إلى مناطق مختلفة، بما في ذلك الصين، كانت هذه الخطوة استراتيجية ذكية لتوسيع نطاق تواجد شركته على المستوى الدولي وتحقيق نمو ملحوظ.
وتمثلت نجاحات الشركة في توفير السلع في جميع أنحاء كوريا والبلدان الأخرى بحلول عام 1945، وهو ما ساهم في تحقيق طفرة كبيرة في النمو، وفي عام 1947، قرر لي بيونج تشول نقل مقر الشركة إلى مدينة سيول، حيث أصبحت واحدة من أكبر الشركات التجارية في ذلك الوقت.
ومع ذلك، واجهت الشركة تحديات جديدة مع اندلاع الحرب في بوسان عام 1950، وكانت هذه الفترة صعبة على الشركة، ولكن استمرار لي بيونج تشول في التحدي والتغلب على الصعوبات ساهم في بناء أساس قوي لشركته وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
إنشاء مصنع للصوف …
قاد لي بيونج تشول عمليات تنويع ناجحة في مسار رحلته الريادية، فبعد إنشاء مصنع الصوف في عام 1954، شهدت شركته تحولات كبيرة، استفادت الشركة من الطلب المتزايد الناجم عن التدفق الكبير لقوات الجيش الأمريكي والمعدات العسكرية خلال حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
كما أن توسع شركة مصفاة السكر في مجال النجاح أضاف قيمة ملموسة لأعمال لي بيونج تشول، انتقل إلى مجالات القطاعات المتنوعة مثل التمويل، والتأمين، وتجارة التجزئة، والأمن. كانت هذه الخطوات الاستراتيجية تعكس رؤيته الاقتصادية والتجارية الفذة.
وبعد انتهاء الحرب الكورية في عام 1961، ومع وصول الجنرال بارك إلى السلطة في كوريا الجنوبية، اتخذ لي بيونج تشول قرارًا حكيمًا بالبقاء في اليابان، في هذا السياق، علقت شركته مع الحكومة، وسلمها للبنك، ومع ذلك، سمح له بالحفاظ على السيطرة عليها. هذه الخطوة تعكس حكمته في التعامل مع التغيرات السياسية والاقتصادية.
ورغم فقدان لي بيونج تشول لكل شيء تقريبًا خلال الحرب الكورية، استطاع أن يعيد بناء نفسه ويحقق نجاحًا باهرًا بعد عودته إلى وطنه، ليصبح مليارديرًا ورائد أعمال مرموقًا في كوريا الجنوبية.

لي بيونج تشول
صناعة الإلكترونيات …
واصل لي بيونج تشول رحلته في عالم الأعمال بقرار جريء باستكشاف صناعة الإلكترونيات، بهدف السيطرة على الأسواق بشكل شامل، ومن جهة أخرى كانت شركة سامسونج تركز على إبداع منتجات مبتكرة، حيث أطلقت أول تليفزيون من نوعه، وهو تليفزيون أبيض وأسود، في أواخر الستينيات.
ومن هنا، نمت سامسونج لتمتلك ستة أقسام رئيسية تركز على مجالات متنوعة، بما في ذلك أشباه الموصلات، والاتصالات، والأجهزة. في عام 1980، وقامت سامسونج باستحواذ استراتيجي على أكبر شركة كورية للاتصالات، وأسست قسمًا خاصًا للإلكترونيات، حيث بدأت في إنتاج الهواتف المحمولة وأجهزة الفاكس، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية.
وفي عام 1965، أسس لي بيونج تشول مؤسسة ثقافة سامسونج بهدف إثراء الحياة الثقافية الكورية، وشجع على الترويج لمجموعة متنوعة من البرامج، ومع دخوله في مجال البناء في السبعينيات من القرن الماضي، أظهر اهتمامه الواسع واستثماراته المستمرة في مختلف القطاعات.
وفي عام 1980، قام بيونج تشول بتأسيس عالم أشباه الموصلات، مما وضع الأسس للصناعات المتطورة في كوريا، كما أسس عدة شركات صغيرة في مجالات متنوعة مثل السيارات، والمنسوجات، والتأمين، مما يبرز تفرد رؤيته وتنوع استثماراته في عالم الأعمال.
إنتاج أول شاشة LCD …
رحل لي بيونج تشول يوم 19 نوفمبر عام 1987 في سيول عن عمر يناهز الـ 77 عامًا، ولكن بقيت فلسفته وإرثه حية، كما قد اتسمت شركة سامسونج، التي ورثها أبناؤه، بالتوسع في مشروعات كبرى، وبدأ ذلك من إنشاء رقائق الذاكرة، حيث احتلت سامسونج المركز الثاني خلف شركة إنتل، وساهمت في ثورة في عالم أجهزة التليفزيون بإطلاقها أول شاشة LCD في عام 1995.
إن تطورات سامسونج في عالم الشاشات والتكنولوجيا لم تكن محدودة بل أصبحت ذاكرة حية لإرث لي بيونج تشول، كما تمثل هذه الشاشة الLCD نقلة نوعية في صناعة التلفزيون، حيث توفرت للمستهلكين تجربة عرض مذهلة وجودة صورة متميزة. تأكيداً على رؤيته وإرثه الابتكاري، واستمرت سامسونج في تقديم تقنيات وحلول مبتكرة في مجال الإلكترونيات والتكنولوجيا.
أرباح سامسونج ومبيعاتها …
أرباح شركة سامسونج خلال الربع الأول من عام 2023 كانت تتراوح بين 62-64 تريليون وون كوري (حوالي 48 مليار دولار أمريكي)، وشهدت انخفاضًا بنسبة 10% على أساس ربع سنوي، ونحو 20% على أساس سنوي، وفيما يتعلق بالربح التشغيلي، بلغ حوالي 0.5-0.7 تريليون وون كوري (455 مليون دولار)، وهو تراجع كبير بمقدار ستة أضعاف مقارنة بالربع السابق، ونسبة انخفاض قدرها 95% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي حيث كان الربح 14.12 تريليون وون كوري.
ويعد سامسونج تكتلًا هامًا في كوريا الجنوبية، يُدار من قبل عائلة ويُعرف بـ “chaebol”، حيث تمثل الشركة أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مما يعزز التحديات الاقتصادية الداخلية.
وعلى مر السنوات، نجح لي بيونج تشول في تحويل سامسونغ إلى واحدة من أكبر وأعرق الشركات في العالم، كما حققت سامسونغ نجاحًا كبيرًا في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا، والإلكترونيات الاستهلاكية، والهواتف المحمولة، والتلفزيونات، والأجهزة المنزلية، والشاشات، والشبكات، والشركات الكيميائية، والتمويل والتأمين، والبناء، والسفن، والتكنولوجيا الطبية، والسيارات، مما يظهر أهمية رؤيته وإرثه الابتكاري. تحت قيادته، نمت سامسونغ على الساحة الدولية لتصبح واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا والإلكترونيات في العالم.
أن إنجازات بيونج تشول ورؤيته الريادية تعتبر الأساس للنجاح المستمر لسامسونغ كشركة عالمية، فمنذ وفاته في عام 1987، استمرت سامسونغ في التطور والنمو تحت قيادة أجيال عائلة لي، لتصبح واحدة من أكبر وأكثر الشركات تأثيرًا في العالم.